Votre Panier
Votre Panier est actuellement vide.
في عالم سريع حيث الهواتف تُرافقنا حتى في النوم حيث تُختصر العلاقات في رموز و مكالمات عابرة، و حيث « الاتصال » باتَ أضعف من أن يُلامس وجداننا… هناك من اختار أن يتمهّل، أن يُبطئ الوقت عمدًا، أن يستعيد أنفاس الماضي بعطر الورد، لا استعارةً بل حقيقة، هناك من اختار أن يبطئ الخطى، أن يتوقّف للحظة، أن يشمّ الورد لا مجازًا بل فعلًا، أن يُنصِت إلى ما تقوله الرائحة… هناك، في قلب القيروان في قلب مدينة القيروان، حيث الأزقة تحفظ الأسرار، والقِباب تهمس بصلوات الزمن البعيد، يتفتّح موسم خاص لا يُقارن بشيء موسم الورد العربي، لا تُقاس أيامه بالساعات بل بعدد الورود المقطوفة، وبعدد الذكريات التي تُستخرج من ماء وردٍ صافٍ، تُقطّره الجدّات وتُصقِله الحفيدات
ماء الورد ذاكرة سائلة تأخذها معك أينما ذهبت يُقطَّر لا ليُزيِّن بل ليُداوي، ليُطهّر، ليُنعش. في عادات الجدّات، كان ماء الورد يُستعمل لمسح وجه الطفل عند الحُمّى، لمباركة العروس، لمداواة العين المتعبة، لإكرام الضيوف، و لتنظيف جُرح القلب قبل جُرح اليد. في كل بيت تونسي خصوصًا في القيروان، كانت هناك فاشْكِة ماء الورد، ليست مخصّصة لمناسبة واحدة، بل للمرافقة اليومية
الورد العربي أو « الورد الشامي » الذي تتباهى به القيروان، ليس مجرد نوع من الأزهار جاء من سوريا، بل هو مهاجر قديم وجد في تراب تونس بيتًا ودفئًا، حيث كان يُزرع في حدائق القصور الملكية السورية. يُقال أن هذه الوردة وصلت مع إحدى القوافل القديمة التي كانت تربط بين الشرق والمغرب العربي، وجدت في مَناخ القيروان مُعتدَلها، وفي أيدي نسائها حنانًا يشبه الرعاية الأمومية، منذ ذلك الحين أصبح موسم تفتُّح الورد العربي حدثًا اجتماعيًا، عائليًا و روحانيًا
في سانية صغيرة بالقيروان اجتمع أخوات قررن ألا يغادرن البلاد وحسب بل أن يُعدن التواصل مع تراب العائلة الذي لطالما لعبنا فيه وأن يُعدن إحياء الماضي بلمسة عصرية. تقول « ماماتي فاتن »، امرأة في الخمسين من عمرها، تربَّت بين الورد العربي وتشّبعت به. كان الورد العربي رفيقها حين خلطته بالباروق في زفاف ابنتها البكر الذي يُعد سرًّا من أسرار زينة العروس التونسية. مقروض القيروان الأصيل بوصفته الزمنية، حين نفوح التمر بالقرفة وعود القرنفل وشوش الورد، تُحضّره الجدّات في سهرات العيد مع العمات والخالات، وتستفيق الصبايا على ريحته الصباحية للعید ليذوقنه مع قهوة عربي ورشّة زهر. “ما نقصّوش الورد بيدينا، نقصّوه بقلوبنا؛ وكل وردة نلمسها وكأنها وحدة منا، نعرفها من ريحتها” تُهديني « ماماتي فاتن » قفة بالورد وتدعوني لزيارتها فجر الغد حتى أكون جزءًا من تجربة غامرة وأشاركها عوايد تقطير ماء الورد
بصوت زينــــــب بوخريص
مقال ثري وراقٍ يأسر القارئ بعبق الكلمات كما
يأسر الورد القيرواني الأنفاس بعطره الفوّاح
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
Lamia Boularas
Kathroulna menhom les saison hedhom brabi